أساليب الموساد في تجنيد عملائها
عموما من الناحية
السيكولوجية يراعي الموساد نقاط الضعف في الشخص الذي يراد تجنيده في صفوفه
كعميل أو مخبر أو متعاون ، إذ يدرس القائمون على الاستقطاب السمات الشخصية
والمزاجية للمرشح قبل السعي إلى الاقتراب منه. ويمكن اختزال الأساليب الرئيسية المستعملة من طرف الموساد في الاستقطاب إلى ثلاثة ، وهي الجنس والمال والعاطفة .
وغالبا ما تكون البداية بأخذ الشخص ودفعه لاقتراف فعل مخالف للقانون أو خارج دائرته أو شيء مخالف للأخلاق ومناف له , وتظل
القاعدة عند مستقطبي الموساد هي أنه لا يمكن استخدام الأشخاص السعداء في
حياتهم والذين لا يشربون الخمر ولا يحبون ممارسة الجنس وليس لهم حاجة ماسة
للمال، وليس لديهم مشاكل .
إن المعروف على الموساد هو تفضيله التعامل مع الخونة
، لأن العميل هو خائن مهما كانت محاولته لتبرير أو عقلنة الأمر. إن
الموساد، في واقع الأمر ، يتعامل مع أسوإ أنواع البشر، ويستعمل مهارات
عالية، قد تبدو غامضة ، في استقطاب عملائه أو مخبريه أو المتعاونين معه،
ولو بصفة مؤقتة .
إذا
كانت جميع مخابرات العالم تستعمل النساء ، فإنه يبدو أنه ليس هناك من يجيد
استخدام الأنثى أكثر من المخابرات الصهيونية .
تتنوع أساليب
الموساد في تجنيد العملاء وتدريبهم والسيطرة عليهم تنوعا كبيرا، وذلك حسب
اختلاف الهدف ومجال العمليات وحسب القائم على عملية الاستقطاب.
فالقاعدة
هي أن الموساد مستعد لاستغلال أي نوع من الدوافع ، القاسم المشترك فيها ،
استغلال نقاط الضعف لدى المرشحين ، ويمكن إجمالها في: الدافع المادي وضعف
الوازع الوطني والابتزاز والضغط والتهديد والمساومة واستغلال عقدة الذنب
في خطية قد أقترفها الشخص ..
استعملت الموساد
الدافع المادي بغرض تحقيق رغبة يصبح المرء أسيرا لها ، وهنا يتم عرض المال
على المرشح إما لتحقيق رغبته أو قضاء حاجته أو للتمتع بالخمر والنساء
والظهور بأحسن المظاهر أمام أهله أو حبيبته أو بعد خسارة كبيرة ، أي إتباع
أقصر الطرق وأسهلها للثراء مع الاستهتار بجميع القيم .
كما عمل الموساد
على استخدام المعارضين الذين لحق بهم ضرر بفعل معارضتهم النظام أو اللذين
خسروا مصالحهم من جراء سياسة التأميمات أو إعدام أو سجن أحد أقاربهم،
فحاول الموساد استغلال الظروف والاتصال بهم بعد تفعيل دافع الانتقام
والشعور بالاضطهاد وما يتولد عند هؤلاء من حقد .
وحاول الموساد
استخدام الغرباء المقيمين بالبلدان العربية وكذلك المغتربين فكريا ،
والتنقيب على الضعفاء خلقيا وذوي الشذوذ الجنسي وبالابتزاز والضغط
والتهديد والمساومة .
وسعى الموساد أيضا إلى استخدام بعض تجار المخدرات والمهربين ، مقابل مساعدتهم في التهريب ، أو تمرير بضائعهم .
ولم يترك الموساد
الفرصة تفوت دون استغلال دافع الغيرة والمنافسة والخلافات السياسية
والخلافات العشائرية لتجنيد العملاء والمخبرين والمتعاونين .
إن الموساد ابتكر أساليب للاستقطاب تختلف حسب الجنسية وحسب مكان التجنيد وحسب السن وموقع العمل والوضع الاجتماعي .
لضمان استمرار هذه
العقلية وهذا النهج يختار الموساد ضباطه ورؤساء أقسامه ومسؤولي محطاته
والعناصر المهمة في هيكلته من أهل الرعيل الأول من المهاجرين ومن أفراد
ضباط القوات المسلحة الذين شاركوا في الحروب العدوانية ضد العرب
والفلسطينيين ، ومن طلاب المدارس والمعاهد والجامعات المتفوقين ممن أنهوا
الخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي ، وغالبا ما يتم اختيار هؤلاء من
"الأشكنازيم" وليس من "السفارديم"، أي من أصول يهودية غربية ، ليست شرقية
، وخصوصا هؤلاء غير يهود البلدان العربية الذين يستخدمون كمخبرين ومنفذين
وعملاء صغار , فالموساد محصور على يهود الغرب .
ومنذ ظهور شبكة الانترنيت ، قامت الموساد بإنشاء موقع يطلب فيه من الراغبين بالعمل أن يقوموا بتعبئة استمارة خاصة .
بعض فتوحات عميلات الموساد
من بين أشهر
عميلات الموساد "سيندي"، واسمها الحقيقي "شيرلي بن رطوف"، تكلفت بالإيقاع
بالرجل الذي كشف لأول مرة أسرار إسرائيل النووية، "مردخاي فاعنونو"،
الخبير الإسرائيلي الذي كان يعمل في مفاعل "ديمونا" النووي بجنوب إسرائيل،
أقامت "سيندي" علاقة خاصة معه في لندن ، واستطاعت في مدة وجيزة تأجيج
مشاعره وغرائزه ، ثم استدرجته إلى روما عقب نشره معلومات عن قوة إسرائيل
النووية في الصحف البريطانية ، بالعاصمة الإيطالية ، كان عملاء الموساد في
انتظاره لتخديره واختطافه لإعادته إلى الكيان الصهيوني .
وهذا ما كان ، إذ حكمت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بتهمة الخيانة العظمى .
ولما كان القيادي
الفلسطيني ، علي حسن سلامة ، صيدا ثمينا اعتبارا للدور الكبير الذي كان
يقوم به في منظمة "فتح" الفلسطينية، فقد قرر الموساد تصفيته بأي ثمن وبأية
وسيلة، ولم تفلح في القيام بهذه الجريمة الدنيئة إلا إحدى عميلات الموساد
، التي تدعى "أريكا تشيمبرس"، وهي مهاجرة بريطانية إلى إسرائيل .
انتحلت "أريكا" شخصية خبيرة اجتماعية تشارك في شؤون الإغاثة الإنسانية ، وعملت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ، واستطاعت في النهاية اغتيال "علي حسن سلامة" .
عموما
من الخطأ الكبير عدم تقدير خطورة الموساد الذي قال بخصوصه أحد قادة
المخابرات المركزية الأمريكية : "بالمقارنة مع أجهزة مخابرات الدول الأخرى
، فإن الموساد يعمل بشكل جيد جدا، فدعايته تلعب دورا هاما في الإرهاب
النفسي والمعنوي لخصوم إسرائيل وأمريكا".